المدخل | التعليق  الاسبوع  | الجديد في الاتجاهات  | افتتاحيات الصحف  | الاتصال بنا  | اشارات  | مقالات عبدالاله البياتي 

ايران والعراق وامن الخليج
لا يمكننا ان نعرف مقدما ما ستحمله نتائج الانتخابات الايرانية في مجال العلاقات بين ايران ودول الخليج العربية.ولكننا نستطيع منذ الان ان نستخلص ان شعب ايران قد دخل مرحلة جديدة يتطلع فيها الى حياة اكثر انفتاحا وحرية ورخاء مما يدفعنا الى التوجه الى حكومة وشعب ايران والى كل القوى السياسية العراقية مطالبين بالعمل على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين العراق وايران تقوم على ان:
- تتعهد كل دولة علىعدم استعمال او التهديد باستعمال القوة العسكرية او اعمال العنف باي شكل من الاشكال ضد الدولة الاخرى وتتعهد بعدم السماح لان تكون منطلقا لاستعمال القوة العسكرية او اعمال العنف ضد الدولة الاخرى
- تتعهد كل دولة باحترام وحدة اراضي وسلامة اراضي الدولة الاخرى وتمتنع عن تسهيل او تشجيع اي طرف يهدد وحدة اراضي وسلامة اراضي الدولة الاخرى
- تتعهد وتعمل كل دولة على اطلاق حرية انتقال الاشخاص والافكار والرساميل والبضائع والخدمات فيما بينها وعبر اراضيها وتنظم ذلك عن طريق التفاوض واقامة الشركات المشتركة وتشجيع التجارة البينية وتبادل المنافع بشكل سلمي وحضاري
- تعمل كل دولة على حل الخلافات والمشاكل بما فيها خلافات الحدود والمياه عن طريق التفاوض والتحكيم ضمن منظمة المؤتمر الاسلامي ومحكمة العدل الدولية ومنظمة الامم المتحدة وعلى احترام اتفاقيات ومعاهدات التعاون وحسن الجوار واحياء اتفاقيات الصداقة ووضعها موضع التنفيذ
- تشجع كل دولة الدولة الاخرىعلى حل المشاكل الاثنية والدينية والطائفية بشكل سلمي وحضاري عن طريق الحوار وتمتنع عن تمثيل او الادعاء بتمثيل اي طرف في الدولة الاخرى
اننا نعرف ان لايران،كما للعراق، مصالح ومطالب ناتجة عن التشابك في العلاقات الجيوبوليتيكية ووحدة التاريخ والمستقبل قد تنتج خلافات في النظرة والتصور بين الحكومات ولكن حل هذه الخلافات في ظل سلام دائم بما يوفره من اقتصاد في النفقات ومناخ مناسب للاستقرار والتنمية والتعاون هو اسلم وانفع من حلها عن طريق الصراع والقطيعة ان سيادة هذا النمط من العلاقات بين العراق وايران سيخدم مجمل الشعوب العربية والاسلامية حاليا وفي المستقبل . ففي واقع الامر لقد اجتمعت كل الشروط الضرورية في حوض الخليج والبلدان العربية الاخرى ،من موارد طبيعية ورساميل وكفاءات وخبرات وعمالة واسواق وتعدد مصادر الحصول على التقنية ،لتحقيق نهوض اقتصادي وحضاري سريع
.
ولا ينقص انجاز هذه النهضة سوى الامن والاستقرار والحكمة السياسية . ومن اول دلائل الحكمة السياسية هو الابتعاد عن سياسات القوة والعنجهية اللفظية بكل اشكالها الثورية والدينية والليبرالية ،والتي تحولت الى صراعات وحروب ساخنة لا مبرر لها، فيكفي منطقة الخليج ثلاثين سنة من هدر الارواح والاموال والطاقات كانت نتيجتها تخريب وانهاك الاقتصاد واعاقة التطور. والامن الذي تبحث عنه كل دول حوض الخليج لن يتوفر عن طريق تفوق احد الاطراف على الاطراف الاخرى عسكريا او الادعاء بقيادة الشعوب الاخرى او عن طريق الاعتماد علىالاجنبي وانما عن طريق احترام كل البلدان الصغيرة والكبيرة للمصالح المشروعة لكل البدان الاخرى بتحويل الخليج كما كان دائما منطقة مفتوحة للتجارة وتبادل البضائع والخدمات ولتنقل الاشخاص والخبرات ضامنة استمرار تدفق النفط وحرية الملاحة والتجارة لكل بلدان الخليج و لكل البلدان الصديقة حسب الاتفاقات والمواثيق الدولية،معتمدة على التفاوض ووساطة الاشقاء اوتحكيم الجامعة العربية او منظمة الدول الاسلامية او محكمة العدل الدولية لحل المشاكل ، مدركة ان عزل او انعزال اي بلد منها ،او خلق التوتر مع اي بلد منها، انما هو ضار بمصالح الجميع ،وان جو التوتر والصراع والصدام يكلف دائما اكثر من جو الامن والعمل الهادئ خصوصا بين بلدان تربطها صلات روحية وثقافية واقتصادية عميقة ولا مصلجة حيوية لها في الصراع . وفي هذا المجال لا احد يفهم، ومهما كانت خلافاته مع الحكومة العراقية ، لماذا يصر الكويت على تحمل مسؤولية استمرار الحصار ضد العراق .فالمشاكل التي لا زالت عالقة بين البلدين كقضية الاسرى لا تستحق تجويع شعب شقيق وتحطيم اقتصادياته و استعداء الاجنبي ضده. أليس من مصلحة الكويت وهو البلد الذي عانى من محنة الحرب ان يسارع الى نجدة شعب العراق وان يعمل على تخفيف التوتر في منطقة الخليج وان يساهم في اعادة التوازن الى العلاقات بين دوله؟.
عبدالاله البياتي
26/2/2000

نشر في جريدة الوفاق