المدخل | التعليق  الاسبوع  | الجديد في الاتجاهات  | افتتاحيات الصحف  | الاتصال بنا  | اشارات  | مقالات عبدالاله البياتي 

حول العقوبات الذكية

سنكون مع شعب العراق في اي تقدم يحققه ضد الحصار الظالم سواء أكان ذلك بكسر الحصار عن طريق الشعوب والدول الشقيقة والصديقة او بالاتفاق مع مجلس الامن والامم المتحدة.ولايهمنا من هو المستفيد سياسيا من ذلك لأن حق البشر في الحياة لا ينبغي ان يكون لعبة وتجارة سياسية بين دول مجلس الامن وحكومة البلد وبعض الاحزاب.وحصول اهلنا في العراق على حقوقهم الانسانية  والتي في مقدمتها الغذاء والصحة والتعليم والامن وكل الخدمات الاساسية التي تدخل في صلب عمل الدولة العراقية واسباب وجودها كالماء والكهرباء والمواصلات وعيرها هي مسائل تتجاوز عندنا اية حسابات سياسة ضيقة وتأمينها هي ليست مكرمة من او نصرا للحكومة  وانما هي واجب من واجبات الدولة كما هي واجب من واجبات المجتمع الدولي ازاء شعب يملك الثروة والعلم والتقدم الحضاري للحصول على ذلك
ونحن لم ولن نفهم يوما كيف قامت بعض الاطراف العراقية ، وهي التي تسعى لاستلام السلطة في البلد، بتأييد الحصار والعقوبات بحجة ان ذلك سيؤدي الى اسقاط الحكم في وقت كان واضحا منذ القرار  661 ان ذلك سيودي الى تحطيم العراق عن طريق منعه من الاستيراد والتصدير والحصول على السيولة النقدية الضرورية في اقتصاد اية دولة
و لقد قامت الولايات المتحدة ودول مجلس الامن باصدار جملة قرارات هدفها وضع اموال وتجارة وتعاقدات العراق الخارجية تحت الوصاية كما هو واضح من القرار 661 والقرار 687.الاول بحجة احتلال الكويت والثاني بحجة اسلحة الدمار الشامل.اما القرار 1284 ،وبعد ان نجح التضليل الاعلامي في ان يصبح  رفع العقوبات مساويا لاستيراد الغذاء والادوية وتحسين بعض الخدمات، فانه يجعل هذه الوصاية وصاية دائمية لا يرتبط رفعها بشرط ولا تتحدد بمدة زمنية
ازاء هذه القرارات نحن لا نفهم ولن نفهم كيف ان بعض القوى، التي تدعي ارتباطها بالعراق، هي ليست فقط لا تعارض هذه القرارات بل وانها تدعو الى وضع عائدات تصدير النفط تحت ادارة ورقابة دولية مع علمها ان ذلك يمثل انتهاكا لحرية وسيادة شعب العراق وانتدابا لا يعرف احدا متى سينتهي لان لك سيرتبط بارادة الدول الكبرى وبمصالحها المختلفة عن لمصالح شعب العراق إن لم تكن المناقضة لها وخصوصا في المسائل النفطية. 
لا شك ان الحكومة العراقية، بسسب اخطائها، وسياساتها هي المسئول الاول عن نجاح الولايات المتحدة في فرض هذه القرارات ولكن ادامة الحصار هو من مسئولية الولايات المتحدة والموالين لها والعاملين معها فالولايات المتحدة دولة لها مصالحها واستراتيجيتها ومن ثوابت هذه الاستراتيجية حاليا هو اضعاف العراق كبلد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا كي تؤمن استمرار تدفق النفط وكي لا يشكل العراق شوكة في خاصرة اعداء الامة العربية لا في ظل صدام حسين ولا مع اية حكومة اخرى حتى ولو كانت حكومة ديموقراطية تستخدم ما سيتبقى من اموال النفط لخدمة مجموع الشعب وتطوير الاقتصاد الوطني
لا شك اننا مع كل القائلين بضرورة الرقابة الشعبية على استخدام عائدات النفط وذلك عن طريق برلمان منتخب بحرية ويملك سلطة اقرار ميزانية الدولة ويشرف ويحاسب الحكومة في ادارتها لاموال الدولة  فهو الوحيد الذي يملك شرعية تقرير كيفية استخدام المال العام وتوجيهه لخدمة الصالح العام. ولكن لان هذا البرلمان لا وجود له  في العراق الان فان الحركات السياسية ينبغي ان تجعل الحريات الديموقراطية وبناء دولة مواطنين ديموقراطية هو هدفها الاستراتيجي الاول وطريقها لاخراج العراق من المحنة وان تعمل من اجل قيام هذا  البرلمان المنتخب بحرية لتنبثق عنه حكومة مسؤولة امامه لا ان تعمل من  اجل وضع العراق تحت الوصاية بحجة النضال ضد صدام حسين اذ ان ذلك يجعل الجميع يتسائل هل هذه الحركات السياسية ممثلة للشعب ام للقوى الاجنبية
واذا كان الغرض من هذه الدعوة, كما يدعي بعض اصحابها, هو ضمان توزيع الواردات على جميع مناطق القطر بعدالة فالاجدر بالحركات السياسية العراقية  ان تتبنى الاقتراح القائل بضرورة تخصيص جزء من عائدات النفط للسلطات المحلية المنتخبة حسب الدستور وتوزيعها حسب عدد السكان المقيمين في مناطق هذه السلطات وان تعمل لتثبيت ذلك في الدستور الدائم الذي هو اساس لضوابط العيش المشترك والعقد الاجتماعي بينالمواطنين لا ان تعمل لتضمين ذلك في معاهدات وقرارات دولية  ستكون في الواقع طريقا لتقسيم العراق على اساس قومي وطائفي والغاء لوحدته الاقليمية
وازاء استخدام الحصار من قبل لجنة العقوبات للوقوف ضد حرية التجارة للعراق ولتحطيم اقتصادياته وقيام الحكومة العراقية  من جهتها بتوزيع الاموال واجازات الاستيراد على الازلام والاعوان والمداحين كان على الحركة السياسية المطالبة باطلاق حرية التجارة الداخلية والخارجية للعراقيين لا ان تطالب بتوزيع الغذاء والدواء من قبل الامم المتحدة الامر الذ ي يحول العراقيين الى لاجئين في بلدهم  ويمنع تكون سوق عراقية وطنية 
وفي هذا الخصوص لا ندري من الذي وشوش في اذن الاخر هل وشوشت الولايات المتحدة في اذن البعض فطالبوا بوضع عائدات النفط تحت رقابة دولية ام ان البعض هو الذي وشوش في اذن الولايات المتحدة فسمعته وبدات العمل لما يسمى بالعقوبات الذكية فوجه التشابه بين مطالب بيان بعض الاحزاب  وبين مشروع العقوبات الذكية هي امر مثير للعجب
والان تحاول الولايات المتحدة من جهتها تمرير مشروع العقوبات الذكية بينما تؤكد الحكومة العراقية انها لن تتعامل مع هذا القرار ولا امثاله. في الواقع قد لا تستطيع الولايات المتحدة امرار مشروعها في مجلس الامن واذا مررته فقد لا يمكن تطبيقه واذا طبق فانه لن يغير شيئا من الواقع على الارض ولكنه سيضع كل علاقات الدول المجاورة مع العراق تحت الادارة الدولية وهو امر لا ينتقص فقط من سيادة العراق وانما من سيادة كل دول المنطقة.
لا شك ان كل الوطنيين سيرفضون الوصاية المكشوفة او المقنعة على اموال وتجارة وتعاقدات العراق وخصوصا مع الدول المجاورة وسيدافعون  عن وحدة وسلامة وسيادة العراق ولكنهم يشكون في قدرة الحكومة العراقية الحالية على قيادة هذه المعركة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية فهي لحد الان لم تراجع اسباب فشل سياساتها ولم تغير الية عملها الفردية التي اضرت بالدولة والمجتمع ولا زالت تستخدم القوة والتهديد باستعمال القوة في علاقاتها في الداخل والخارج ولا زالت بعيدة عن منح المواطنين حقوقهم المدنية والسياسية ولم تدرك لحد الان ان سياسات التمييز والتفرقة والتفاوت في الدخول والحقوق هي سياسات تمنع الشعب من الانخراط في النضالات الوطنية وهي سياسات تضعف ثقة شعب العراق بالدولة. اذ ليس القمع والارهاب وتوزيع الوطنيات على الاخرين هو الذي سيعبئ العراقيين في معارك الاستقلال الوطني إن تحول هذا الاستقلال بين العراقيين الى رمز وكلمة فارغة   
وليس ادل على فشل الحكومة العراقية في معالجتها مشاكل الشعب والوطن هي هذه الهجرة الواسعة التي يشهدها العراق لاول مرة في تاريخه فمن المؤلم لكل الوطنيين العراقيين الذين يعيشون في الخارج انه بينما تؤكد الحكومة العراقية انتصارها الاكيد على الولايات المتحدة فان العراق يستمر في التفتت والتاكل ويزداد تخلفه يوما بعد يوم دون ان تنتبه  الى ان هجرة ثلاثة ملايين عراقي من خيرة ابناء العراق من كوادرمدنية وعسكرية ومهندسن واطباء واساتذة واقتصاديين و تجار وفنانين وادباء ورجال دين وحقوقيين وخبراء في شتى المجالات وغيرهم هي نزيف سيستمر وخسارة قد اضعفت العرا ق، خسارة للعراق لن يمكن تعويضها ان لم تؤمن الحكومة الاوضاع الضرورية في جميع المجالات  في حياة الدولة والمجتمع لتأمين عودتهم الى الوطن فهؤلاء البشر لم يتركوا وطنهم الا لان العيش فيه لم يعد ممكنا لا اقتصاديا ولا سياسيا ولا امنيا
ومع ذلك ومع معرفتنا لمدى مسئولية الحكم العراقي في محنة العراق لا يمكننا الا ان ندعم رفض وضع العراق تحت الوصاية لاننا نعتقد ان ليس من  حق الدول الاخرى الانتقاص من سيادة شعب العراق باستغلال اوضاع  حكومته الحالية مهما كان رأينا فيها

عبدالاله البياتي